أبطال الإسلام

ملاحظة الناشر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

إن أحد العوامل المهمة في تطور وسلوكيات مجتمعات العالم اليوم هو تأثير النماذج المثالية. والآن، أكثر من أي وقت مضى، تؤثر النماذج المثالية على حياة جميع الأجناس والطبقات من الناس في جميع أنحاء العالم. وبفضل وسائل مثل التلفزيون والراديو والهاتف والإنترنت، أصبح العديد من النماذج المثالية، مثل نجوم السينما والرياضيين والموسيقيين والسياسيين، مشهورين للغاية في جميع أنحاء العالم.

ولكن هذه النماذج لا تمثل بالضرورة نمط الحياة المثالي والممارسات والمعتقدات التي يريدها المسلم. فحين ينظر المسلمون إلى الناس الخاطئين أو الكافرين الذين صورتهم وسائل الإعلام على أنهم ناجحون ومشهورون، فإنهم يشعرون بالدونية تجاههم. بل إن الشيطان قد يخدعهم فيشعرهم بأن سبب نجاح غير المسلمين في الدنيا هو اتباعهم لطرق غير الإسلام.

ولهذا السبب، قامت دار السلام في هذا العمل بإحياء قصص بعض أعظم أبطال الإسلام ونماذجه. وبهذه الطريقة نخدم قضية زيادة اقتناع المسلمين بإيمانهم. إن جهود وتضحيات هؤلاء الناس في سبيل دين الله سوف تظهر لنا من نحن وما نحن قادرون عليه حقًا عندما يكون لدينا إيمان قوي بالله.

نشكر السيد صديق إم إيه فيليانكودي، عضو قسم الأبحاث بجامعة دار السلام، على جهوده الدؤوبة في نشر هذا العمل.

الأبطال والبطولة

لكل أمة أبطالها الخاصون. بعضهم حقيقيون والبعض الآخر أسطوريون. وهؤلاء الأبطال هم مصدر إعجاب بل وحتى عبادة من قِبَل بعض المجتمعات. وفي المجتمعات المستنيرة قد يكون الأبطال الحقيقيون قدوة يُحتذى بها. ولكن من هو البطل الحقيقي؟ إنه الشخص الذي يحظى بالإعجاب والاحترام عادة بسبب صفات خاصة يتمتع بها أو بسبب أعمال شجاعة وفروسية معينة.

أبطال الإسلام

إن المسلمين ليسوا في حاجة إلى البحث عن أبطال خياليين أو أسطوريين، لأن تاريخهم حافل بأبطال من لحم ودم حقيقيين، كانت أعمالهم بطولية بسبب إيمانهم، ونتيجة لموقفهم من الحياة والدنيا. فكل أبطال الإسلام يشتركون في صفتين خاصتين للغاية: الإيمان الكامل والإخلاص لإيمانهم الأصيل والسعي الدائم إلى رضاء خالقهم الله وحده، بغض النظر عن الظروف والأوقات التي يعيشون فيها. فالبطل المسلم، سواء كان عبقريًا عسكريًا، أو معلمًا عالمًا، أو شخصًا عاديًا متدينًا، يعرف أن الحياة الفانية في هذه الدنيا هي وسيلة إلى الحياة الأبدية في الآخرة، وأن الآلام والملذات الزائلة لا شيء مقارنة بالآلام والملذات الدائمة في الجحيم والجنة. وبالنسبة لهذا البطل فإن مفتاح الأمر كله هو الرضا الإلهي. فبه وحده يستطيع الإنسان أن يتمتع بالسلام والهدوء في هذه الدنيا ويحصل على السعادة الحقيقية في الآخرة.

وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "عجباً لأمر المؤمن، لا يكون الأمر إلا له، فإن أصابته ضراء صبر عليها، وأُجر عليها، وإن أصابته سراء شكر ربه، وأُجر عليها". فالبطل الإسلامي يواجه السراء والضراء بالموقف والعمل الصحيحين، وليس هدفه الملذات والمكاسب الدنيوية، بل هدفه رضى الله.

غرض هذا الكتاب

في هذا الكتاب سنحاول أن نستعرض لمحات من حياة بعض أبطال الإسلام، ولكنهم جميعا يتميزون بتلك الصفة والسمة الخاصة التي تميزهم عن غيرهم.